الأشخاص المطلعون (Insiders) في الشركة المساهمة هم عموم الأشخاص الذين يتاح لهم الاطلاع على المعلومات الداخلية للشركة بحكم موقعهم أو علاقتهم بها، وقد عالجت تعليمات هيئة الأوراق المالية العراقية ودساتيرها التنظيمية تحديد من يعتبر شخصًا مطلعًا ضمن إطار قانوني وتنظيمي يهدف لحماية السوق وتحقيق تكافؤ الفرص.
تعريف الأشخاص المطلعين في تعليمات رقم 16 لسنة 2011
عرّفت تعليمات رقم 16 لسنة 2011 في المادة 1 الأشخاص المطلعين بأنهم الأشخاص الذين يطلعون على المعلومات الداخلية بحكم مناصبهم ووظائفهم وملكيتهم أو علاقتهم بشكل مباشر أو غير مباشر بمن يحوز المعلومات الداخلية، ويشمل ذلك ما يأتي:
-
أعضاء مجلس الإدارة ومستشاريهم
-
المدير المفوض (المدير العام)
-
المدير المالي
-
المدقق الداخلي
-
المدقق الخارجي
-
أي شخص يحصل على تلك المعلومات
نطاق الأشخاص المطلعين (Insiders) في الشركة المساهمة
يتضح من هذا التعريف أن دائرة الأشخاص المطلعين (Insiders) في الشركة المساهمة تشمل كل من يمكن أن تصل إليه المعلومة الداخلية سواء من داخل الشركة أو خارجها، طالما أن صلته بالشركة أو بحائز المعلومة أتاحت له الاطلاع عليها.
الأشخاص المطلعون (Insiders) في الشركة المساهمة في مشروع قانون 2019
في مشروع قانون الأوراق المالية لسنة 2019 توسّع المقنن في تعداد فئات الأشخاص المطلعين (Insiders) في الشركة المساهمة بشكل مفصل ضمن المادة 59/ثانيًا، وقد أورد فئات متعددة تعكس توجّهًا لتوسيع نطاق التجريم ومنع الإفلات بحجة عدم الانتماء لمناصب محددة.
أبرز فئات المطلعين في مشروع 2019
من أبرز الفئات التي وردت ضمن التعداد:
-
الإدارة العليا ومدراء مصدر الأوراق المالية
-
كل من يطلع على معلومات داخلية بحكم وظيفته أو علاقته بالمصدر
-
كبار المساهمين
-
مدققي الحسابات الداخليين والخارجيين
-
الأشخاص المرخص لهم مثل شركات الوساطة وموظفيها
-
مؤسسات أو أفراد تربطهم علاقة عمل مع المصدر أو يقدمون له خدمات
-
أطراف يتقدمون بعروض استحواذ أو اندماج تتعلق بالمصدر
-
كل من حصل بطريقة ما على معلومات داخلية من أي من المذكورين (المستفيدون بالتسريب)
ملاحظة تنظيمية حول اتساع التعداد
يمكن ملاحظة أن هذا التفصيل قد يكون زائدًا عن الحاجة في نص قانوني، لأن التعريف العام في تعليمات 2011 كان كافيًا وشاملًا باستخدامه عبارة أي شخص يحصل على تلك المعلومات لتغطية الوصول المباشر وغير المباشر، وهو ما يعكس حرص المشرع العراقي على عدم إفلات أي مستغل لمعلومة داخلية من التجريم متى ثبت وصول المعلومة السرية إليه واستفادته منها.
تصنيفات الأشخاص المطلعين (Insiders) في الشركة المساهمة
من الناحية التحليلية يصنف الأشخاص المطلعون (Insiders) في الشركة المساهمة إلى فئات فرعية لفهم مدى قربهم من المعلومة الداخلية وطبيعة مصدرها وكيفية انتقالها.
المطلع الرئيسي (Primary Insider)
المطلع الرئيسي هو الشخص الذي يُفترض بحكم منصبه أو وظيفته أن يعرف المعلومات الداخلية، ويقع في موقع المسؤولية والأمانة داخل الشركة أو على صلة مباشرة بها، ومن أمثلته:
-
أعضاء مجلس الإدارة
-
الإدارة التنفيذية العليا مثل المدير العام والمدير المالي
-
كبار المساهمين ممن تؤثر حصصهم في قرارات الشركة
-
المدققون
-
المستشارون القانونيون للشركة
المطلع الرئيسي الداخلي
المطلع الرئيسي الداخلي ينتمي إلى هيكل الشركة التنظيمي الداخلي، وتبرز خطورته في أن أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية لا يطلعون على المعلومة فحسب بل على سياقها ومصادرها وخطط الشركة المستقبلية، بما يمكّنهم من اتخاذ قرارات استثمارية قبل الآخرين، وتُعرف هذه الفئة كذلك بالأطراف ذوي العلاقة ممن تقتضي أعمالهم اليومية التعامل مع بيانات الشركة السرية.
المطلع الرئيسي الخارجي
المطلع الرئيسي الخارجي هو شخص من خارج كادر الشركة الوظيفي لكنه يرتبط بها بحكم مهامه الرسمية ويطّلع على معلوماتها، ومن أمثلته:
-
المدقق الخارجي المعين لمراجعة حسابات الشركة
-
المستشار المالي أو القانوني المعين في مشروع يخص الشركة
وتكمن خطورة هذه الفئة في عنصر الثقة المهنية والاستقلال، فإذا استغلوا ما يصل إليهم من معلومات سرية فإنهم يسيئون الأمانة المهنية، وقد نصّت تعليمات 2011 صراحة على المدقق الخارجي ضمن الأشخاص المطلعين.
المطلع الثانوي (Secondary Insider)
المطلع الثانوي هو الشخص الذي ليس في موقع يخول له رسميًا الاطلاع على المعلومات الداخلية، لكنه تمكن بوسيلة مشروعة أو غير مشروعة من الحصول على معلومة داخلية قبل نشرها، وقد يوصف بالمطلع العرضي إذا حصل عليها بالمصادفة أو المطلع بالوكالة إذا نقلت إليه من مطلع رئيسي، ومن أمثلته:
-
موظف صغير اطلع على مستند سري بالمصادفة
-
قريب أو صديق لأحد المدراء نُقلت إليه المعلومة سرًا
-
طرف ثالث التقط المعلومة دون قصد مثل السائق أو المرافق الذي استمع لمكالمة
تجريم تلقي المعلومة المسرّبة (Tipping)
لم يستخدم التشريع العراقي مصطلح مطلع ثانوي صراحة، لكنه شمل هذه الفئة ضمن التعريف العام، فتعليمات 2011 أوردت عبارة أي شخص يحصل على تلك المعلومات، ومشروع 2019 أضاف صياغة تغطي من حصل بطريقة ما على معلومات داخلية من الأشخاص المنصوص عليهم، بما يحقق تجريم التداول بناءً على معلومة مسرّبة، إذ يُحاسب متلقي المعلومة الذي يستغلها باعتباره مطلعًا بالمعنى القانوني.
عبء الإثبات بين المطلع الرئيسي والثانوي
عند تحديد واجبات الكتمان وحظر الاستغلال تُفرض عادة على المطلعين الرئيسيين لأنهم متوقع منهم الاطلاع بحكم مناصبهم، وقد يفترض ضمنًا علم أصحاب المناصب العليا بالمعلومة الداخلية في وقتها، أما المطلعون الثانويون فيلزم غالبًا إثبات أنهم علموا فعلاً بالمعلومة غير المعلنة واستغلوها رغم عدم إذن معرفتها، وفي النهاية يبقى كلا النوعين مسؤولًا إذا قام بالبيع أو الشراء بناءً على معلومات داخلية سرية.
حظر التداول استنادًا إلى المعلومات الداخلية في القانون العراقي
يتبنّى القانون العراقي والأنظمة الصادرة بموجبه مبدأ حظر استغلال المعلومات الداخلية لتحقيق منافع على حساب بقية المستثمرين، وقد تجلّى ذلك في عدة نصوص تنظيمية وتشريعية.
تعليمات هيئة الأوراق المالية رقم 16 لسنة 2011
منعت تعليمات 2011 تسريب أو استغلال المعلومات الداخلية قبل الإفصاح العام، وجاء في المادة 4 نص صريح يفيد بحظر تسريب المعلومات الداخلية قبل الإعلان عنها عبر الهيئة والسوق وأي وسيلة إعلان عامة، ويترتب على ذلك ما يأتي:
-
لا يجوز للمطلع الكشف عن معلومة جوهرية غير معلنة لأي جهة أو شخص خارج الإجراءات الرسمية للإفصاح
-
لا يجوز للمطلع أو لمن وصلت إليه المعلومة مباشرة أو غير مباشرة تداول الأوراق المالية المرتبطة بها قبل نشرها رسميًا
-
مخالفة هذه التعليمات ترتب مسؤولية تأديبية وقد تمتد لمسؤولية جزائية وفق الأحوال
مشروع قانون الأوراق المالية لسنة 2019
أكد مشروع 2019 هذا المبدأ في المادة 59 بمنع التداول على أساس المعلومات الداخلية الجوهرية غير المعلنة للجمهور عن المصدر أو أوراقه المالية، كما فصلت الفقرة ثالثًا صور السلوك الممنوع للمطلعين، ومنها:
-
قيام المطلع بشراء أو بيع أوراق مالية تتعلق بالمعلومة الداخلية قبل الإفصاح سواء لحسابه أو لحساب طرف ثالث
-
قيام المطلع بتزويد الغير بالمعلومة الداخلية أو نصحه بالشراء أو البيع استنادًا إليها قبل الإعلان
يشمل الحظر التداول الشخصي للمطلع وتمرير المعلومة للآخرين أو التوصية بناءً عليها، وبذلك يغطي الاستغلال المباشر وغير المباشر على نحو متكامل.
قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المادة 437
قبل وجود تنظيم متخصص لتجريم استغلال المعلومات الداخلية في سوق الأوراق المالية، أمكن نظريًا إخضاع الأفعال المماثلة لنص عام يتعلق بإفشاء الأسرار الوظيفية، ويقوم جوهر النص على تجريم من يعلم بسر بحكم وظيفته ثم يفشيه في غير الأحوال المصرح بها أو يستعمله لمنفعته أو منفعة غيره، وهو ما قد ينطبق على حالة إفشاء معلومة داخلية سرية أو استغلالها لمصلحة خاصة باعتبار ذلك إخلالًا بواجب السرية والأمانة.
خاتمة
الأشخاص المطلعون (Insiders) في الشركة المساهمة يشملون كل من يصل إلى المعلومات الداخلية بحكم المنصب أو العلاقة المباشرة أو غير المباشرة، وقد قدمت تعليمات 2011 تعريفًا واسعًا يغطي الداخل والخارج ويشمل من يحصل على المعلومة، ثم جاء مشروع 2019 ليوسع التعداد ويؤكد تجريم التداول بناءً على معلومة مسرّبة، كما أن حظر التداول استنادًا إلى المعلومات الداخلية في القانون العراقي يظهر بوضوح في تعليمات 2011 ومشروع 2019 مع إمكانية الاستناد إلى قواعد إفشاء الأسرار في قانون العقوبات عند الاقتضاء.
إذا كنت مديرًا أو مساهمًا أو مدققًا أو وسيطًا أو طرفًا تلقى معلومات قبل إعلانها وتحتاج إلى تقييم قانوني يحدد ما إذا كنت ضمن نطاق الأشخاص المطلعين (Insiders) في الشركة المساهمة وما يترتب على ذلك من واجبات كتمان وحظر تداول، فتواصل مع شركة أسامة طعمة للخدمات القانونية والإستشارات، وهي شركة محاماة في العراق تقدم استشارات متخصصة في الأوراق المالية والامتثال والإفصاح والتحقيق في حالات التسريب والتداول قبل الإعلان.